التقديرات الأولية لخسائره تقدر ب13 مليون دولار
مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني :الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جريمة كبيرة بحق مستشفى القدس التي تقدم خدماتها لآلاف المواطنين بغزة
غزة /علاء الحلو :
لم تشفع اتفاقيات جنيف الأربعة والحماية الدولية التي من المفروض أن تتمتع بها مستشفى القدس التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الذي يعتبر من جمعيات الصليب الأحمر الدولي والذي يحرم على أي قوة وتحت أي ظرف استهدافها نظرا لحمايتها الدولية من أن يتم استهدافها بقذائف الدبابات والقذائف الفسفورية التي أحرقتها بشكل كامل,حيث أنها تقدم مساعدات اغاثية في حالات الطوارئ للمنكوبين جراء الحروب والكوارث.
فقد أشار المدير الإداري لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ومدير مستشفى القدس في غزة عمر العزايزة إلى أن مستشفى القدس والهلال الأحمر يتبعان للصليب الأحمر الدولي والذي يتمتع بالحماية الدولية استنادا لاتفاقيات جنيف الأربعة نظرا لأنها تقدم الخدمات الاغاثية والطبية والإنسانية في الوطن والشتات.

وأكد على أن مستشفى القدس والتي تقدم خدماتها لآلاف المواطنين في مدينة غزة تم استهدافها بقذائف الدبابات والقذائف الفسفورية بالإضافة إلى استهداف المقر الرئيسي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة والذي يحوى جميع الإدارات المالية والمسرح ,والمركز الثقافي ,وقاعة المؤتمرات ,والمرسى ,والفاميلي وإحراقه بشكل تام.
وأوضح العزايزة أن مستشفى القدس والتي تنتشر فروعها في معظم أرجاء مدينة غزة تم استهدافها وحرق أجزاء كبيرة جدا منها تقدم خدمة الإسعاف والطوارئ لآلاف المواطنين وهي خدمة مجانية على الرقم "101" ,كذلك تقدم خدمة الرعاية الأولية ,وبها قسم للتأهيل وكلية لتنمية القدرات وتأهيل المعاقين ,إضافة إلى قسم التأهيل النفسي ومعهد ضباط الإسعاف والذي يقدم دورات لرجال الإسعاف وتدريبهم على فنيات الإسعاف الصحيح ,بالإضافة إلى المسارح والسينما والعديد من الأنشطة الثقافية.
وأشار إلى أن فرقة الكوارث الموجودة في مستشفى القدس قامت بالعديد من عمليات الإنقاذ خلال فترة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على مدينة غزة ,وقام بتقديم العديد من الخدمات الإنسانية إضافة إلى الخدمات الطبية والاسعافية حيث قام ببناء حوالي خمس مخيمات لإيواء أهالي البيوت المدمرة الذين ليس لهم مأوى نتيجة تدمير بيوتهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وبدأ العزايزة بوصف اللحظات العصيبة التي مرت بها مستشفى القدس وجمعية الهلال الأحمر خلال الاجتياح الإسرائيلي لمنطقة تل الهوا وقال :"من أول يوم في الحرب الإسرائيلية على مدينة غزة في السابع والعشرون من شهر ديسمبر الماضي تم استهداف المبنى الإداري لجمعية الهلال الأحمر والذي يشتمل على كافة الإدارات المالية ,والأرشيف الذي يحتوي على المراسلات ,والعقود والأوراق الرسمية ,والخرائط الهندسية ,وكل ما يتعلق بالهلال الأحمر الفلسطيني في غزة ,وملفات الموظفين في الجمعية وتدميره بشكل كامل ,إضافة إلى الأضرار الكبيرة جدا والتي أصابت مستشفى القدس حيث تم قطع أسلاك الكهرباء المؤدية للمستشفى وتكسير جميع نوافذ وأبواب المستشفى الداخلية والخارجية إضافة إلى الدخان الأسود الذي دخل إلى ممرات المستشفى وصبغ جدران المستشفى وأسرتها ومحتوياتها باللون الأسود ,كذلك دخلت الغازات السامة والتي صدرت من القذائف الفسفورية إلى المستشفى مما اضطر الطاقم الموجود بمغادرة المستشفى وإخلائها من جميع الجرحى والمرضى وكافة النزلاء".
وتابع العزايزة والألم يعتصره :"في الساعة الحادية عشر ظهرا من يوم الرابع عشر من شهر يناير الماضي ولحظة الاجتياح الإسرائيلي لمنطقة تل الهوا ووصول الدبابات لحديقة برشلونة تم استهداف المقر الإداري بقذيفة دبابة أدت إلى اشتعال النيران في المبنى وتم الاتصال بالصليب الأحمر للتنسيق مع الدفاع المدني وقوات الاحتلال حتى يتم دخول سيارات الإطفاء والسيطرة على النيران ,ولكن الصليب لم يستطيع الوصول إلى المستشفى نظرا لإغلاق الجيش الإسرائيلي للمنطقة واعتبارها منطقة عسكرية مغلقة ,في هذه اللحظات قامت الدبابات الإسرائيلية والطائرات الحربية باستهداف أطقم مستشفى القدس الطبية والاسعافية بعدد من القذائف ,حيث كانت الطواقم الطبية وضباط الإسعاف والمتطوعين تحاول السيطرة على النيران حتى يصل الدفاع المدني ,وذلك باستخدام بعض الوسائل اليدوية واستخدام الطفايات وتكسير الجسور الممتدة بين المبنى الإداري والمبنى الوسيط ومستشفى القدس حتى لا تمتد النيران إلى ممرات المستشفى ,وبعد انتهاء الوقت وفوات الأوان وصل الدفاع المدني لإطفاء الحريق بعد أن التهمت النيران المبني بشكل كامل وأجزاء كبيرة من المستشفى".
وأشار العزايزة إلى وصول عدد كبير يقدر بحوالي 700 مواطن إلى المستشفى للاحتماء فيها نظرا لأنها محمية دوليا تم إخلائهم بعد ذلك إلى مدرسة الزيتون الإعدادية ,وتم وصول عدد آخر يقدر بحوالي 500 مدني من النساء والأطفال تم إنزالهم إلى ممرات العمليات وأقسام النساء والولادة بالإضافة إلى 120 كادر طبي نظرا للخطر الشديد الذي يشكله بقائهم في المستشفى أو خروجهم إلى الشارع ,ولكن الدخان الأسود السام واستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي المباشر للمستشفى اضطر إدارة المستشفى إلى إخلائها من المواطنين والمرضى والنزلاء بشكل كامل والخروج والمشي في الشارع وتم حمل أربعة من الأطفال الخدج ودفع العديد من عربات للجرحى يدويا في الشارع على الرغم من وجود الدبابات والطائرات ,حيث قام أكثر من 650 مواطن وكادر طبي ومريض بالمشي في الشارع وفي ظروف صعبة وخطيرة حتى وصلوا إلى دوار المالية وتم الاتصال بالإسعافات لتقلهم إلى مستشفى الشفاء ,حيث تم ترك مستشفى القدس لمدة ثلاثة أيام لحين الانتهاء من إعادة إزالة المواد السامة وإصلاح شبكة الأكسجين والكهرباء المقطوعة والمصاعد المعطلة ومحاولة تخفيف الأضرار قدر المستطاع.

وأكد العزايزة على أنه تم استهداف مستشفى القدس بشكل مباشر بالإضافة إلى المركز الثقافي بالعديد من القذائف الفسفورية ,وتم قطع الاتصال اللاسلكي ال"vhf" الخاص بالإسعاف والطوارئ نظرا لقطع "الريبيتر" الخاص بالاتصال بين فرق الإسعاف حيث كان يتواجد على سطح المبني الثقافي.
وأكد المدير الإداري لجمعية الهلال الأحمر ومدير مستشفى القدس في مدينة غزة عمر العزايزة على أن التقديرات الأولية لخسائر الجمعية والمستشفى تقدر بحوالي 13 مليون دولار ,إضافة إلى التأثير المباشر على خدمات المستشفى وتقديمها للخدمات العامة ,كما أثرت على نفسية المواطنين المجاورين للمستشفى والذين كانوا يعتقدوا بأن المستشفى محمية دوليا ولا يمكن لقوات الاحتلال المساس بها واستهدافها بشكل مباشر.
وأشار إلى أن المبنى الرئيسي للهلال الأحمر لا يمكن ترميمه بل يجب هدمه وإعادة بنائه من جديد نظرا للتدمير الهائل الذي لحق به وقال :"نحن كهلال أحمر خسارتنا أكبر من الخسارة المادية فاستهداف مستشفى القدس وطواقمه واستهداف الهلال الأحمر بحد ذاته خسارة كبيرة لنفسيتنا ونفسية المواطن الفلسطيني".
ووجه العزايزة رسالته إلى كافة المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان باحترام اتفاقيات جنيف واحترام جمعية الهلال الأحمر التابعة للصليب الأحمر الدولي ,وتمنى أن يتم تجنب أي حرب جديدة على غزة أو على الأقل على مؤسسة الهلال الأحمر الفلسطيني.